الخميس، 27 سبتمبر 2018

ديوان نيتشه


تحميل ديوان نيتشه


العنوان: ديوان نيتشه
المؤلف: فريدريش نيتشه
تعريب: محمد بن صالح
الناشر: منشورات الجمل، بيروت ـ بغداد
الطبعة: الثانية 2009
التحميل: اضغط هنا
التصفح: اضغط هنا

عن المؤلف:
فريدريش ڤلهلم نيتشه فيلسوف وعالم لغويات ألماني. ولد في روكن Rockenn قرب مدينةلايپزيگ بپروسيا يوم عيد الملك فريدريش ڤلهلم الرابع، فسمي باسمه ومات في ڤايمار. وهو من أسرة من القساوسة، لكنه كان شديد الإلحاد فجعله محور كتاباته، تيتم باكراً من والده، فتولّت تربيته نسوة العائلة اللاتي أسرفن في تدليله وملاطفته ، فقد قضى طفولة سعيدة، وكان تلميذاً مهذباً صادقاً مطواعاً حتى أطلق عليه اسم القسيس الصغير، أرادته أمه قسّاً كأبيه فالتحق وهو في الثانية عشرة من عمره بمدرسة بفورتا Schulpforta، لكنه عدل عن ذلك بعد أن فقد إيمانه في الثامنة عشرة من عمره، فمّر بمرحلة من الشك والتشتت، خرج منها بالتحاقه بجامعة بون ثم بجامعة لايپزيگ(1864-1869).
سُمي نيتشه سنة 1868 أستاذ فقه اللغة اليونانية (الفيلولوجيا) في جامعة بازل بسويسرا بعد أن مُنح درجة الدكتوراه ليتم التعيين طبقاً للّوائح ، ولفت الأنظار إليه نشره عدة مقالات في مجلة ريتشل Ritschl.
ولما نشبت الحرب بين ألمانيا وفرنسا (1870) تطوع في الجيش، ولأنه أصبح مواطناً سويسرياً كان عليه أن يكتفي بالعمل ممرضاً في الخدمة العسكرية.
وبعد أن تدهورت صحته أُعفي من الخدمة وأعيد إلى بازل. ولم يشفَ أبداً من الأمراض التي أصابته في أثناء تجنيده، فاضطر إلى الاستقالة من الجامعة والتدريس سنة 1879، وقد رصدت له الجامعة راتباً جيداً يحيا منه. وقد قضى الأعوام العشرة التالية متنقلاً بين سويسرا وإيطاليا، مواصلاً عمله التأليفي، وكان في معظم الأحيان منعزلاً لا يعترف به أحد. وانتهى به المرض سنة 1889 إلى الشلل الكلي والجنون، فأُرسل إلى المشفى العقلي في بازل وينا Jena ثم أعيد إلى أمه في ناومبرگ سنة 1890، ولما ماتت تعهدته أخته في ڤايمار سنة 18977، وباشرت نشر كتبه وظلّت ترعاه إلى حين وفاته.

نبذة عن الكتاب: 
قد يكون الأديب اللبناني المتمصر فليكس فارس هو أول من اكتشف، في الفكر العربي المعاصر فريدريك نيتشه المفكر والشاعر الألماني الكبير عندما ترجم له إلى العربية كتابه الشهير «هكذا تكلم زرادشت» ولكن نيتشه كان معروفا ايضا لدى بعض الكتاب العرب الآخرين، ولو على نطاق ضيق، فنحن نعلم - على سبيل المثال - ان جبران خليل جبران كان قد قرأه - بالانكليزية على الأرجح - وتأثر به وبخاصة بفلسفة القوة التي تقرن به.
وقد شهدت السنوات الأخيرة اهتماما عربيا متزايدا بنيتشه ربما تبعا لاهتمامات الآداب العالمية به، فترجمت أعماله إلى العديد من لغات العالم الحية، ودرست هذه الأعمال على نطاق واسع، وبذلك تحرر الأديب الألماني الكبير من ألمانيته وتحول إلى أديب ذي تأثير عالمي، وهاهو ديوانه ينقل حديثا إلى العربية تحت عنوان ديوان نيتشه بقلم محمد بن صالح وعن منشورات دار الجمل في كولونيا.
ومن الديوان نعلم ان ما كتب نيتشه من شعر، قصيدة تركها بدون عنوان (1858) وجعل مطلعها:
مرآة في الحياة
ذواتنا فيها نرى
لذلك ندعوها بالرغبة الأولى
عن التطلع اليها لا ننقطع
وآخر ما كتب، قصيدة عن الماء (1888) جاء في نهايتها: يركض كالمجنون لا يعلم أين..
وليس من باب المجاز في شيء قول بعضهم: إن الشاعر في كل حياته لا يكتب غير قصيدة واحدة، وما تبقى ان هو الا تنويعات على نفس النغم فاذا قبلنا بهذا القول، تعين علينا أن نقبل بقول آخر هو: اذا اردت معرفة عمق البحيرة، فعليك ان تأخذ مجرى النهر عكسيا حتى تدرك العين التي من عمقها يطلع الماء.
هذه البحيرة، قصيدة نيتشه، هي في الكثافة والغرابة والتناقض وتعاقب الأحوال، ما يرفع إلى التعلق بهذا القول وكأنه حبل النجاة ذلك انه ما من شاعر حمل قصيدته من هموم الوجود كما فعل نيتشه.. لقد حملها صقيع ينمه، والبحث مبكرا عن الدفء في الموسيقى بما هي الجوهر في الكلمة، والتحرر من جفاف الفيلولوجيا وارتباكات العصر والجسد.
ولكنه حملها الأعنف: إن تبشر بقدوم الذي لن يأتي الا صورة:السوبرمان!
ولعل سيرة نيتشه تؤلف احدى قصائده الخالدة التي يعاد سردها، وتعاد قراءاتها بين وقت وآخر، ومحور هذه السيرة آلام مبرحة اصيب بها أثرت أيما تأثير على فكره وشعره وفلسفته.
فقد ورث عن ابيه قصر النظر، كانت عيناه، على حد تعبيره، تغوص حتى ثلاثة أرباعهما في ليل مظلم، وتتورمان لأقل مجهود تبذلانه، حتى أنه اضطر منذ باكر شبابه إلى أن يلجأ إلى من يقرأ له ويكتب تحت املائه.
في عامه الثالث والعشرين، وخلال تأديته للخدمة العسكرية يقع من فوق فرسه فيصاب في صدره، وفي حرب السبعين يتطوع ضد فرنسا ممرضا فيصاب بمرض الدوسنتريا، وبلازمه هذا المرض طيلة حياته عابرا به العديد من المراحل الجسدية، ويكون لهذه دورها في ابداع رؤياه، فيعيشها في شكل حملات عديدة كانت على الكثير من العنف يتوقف الباحثون عند ثلاثة منها:
الأولى كانت على اثر اصابته بالدوسنتريا وقد جعلته آلامها يعتقد أن رسالته انقضت وان مغادرته للحياة قد آنت، فيكتب الى اخته: أعتقد اني أديت مهمتي في الحياة كما يؤديها رجل لم يمنح ما يكفيه من الوقت، وقد لازمته هذه الحالة المتميزة بالكآبة عشرة أعوام كاملة.
الثانية وقد جاوزت الأربعة أعوام، حدث له فيها انقلاب هائل يناقض بالكامل حالته السابقة: صار يحس بأن وجوده فياض، وأن مزاجه في درجة عالية، وصار يقبل على الحياة في فرح كبير فكانت أغزر سنواته انتاجا سماها مرحلة الوحي والالهام.
والثالثة تبدأ من عام 1888 إلى آخر حياته وفي هذه المرحلة تتحول حال نيتشه الى نقيضها: من اليأس والشكوى إلى الحبور والغبطة، في هذه المرحلة أصيب نيتشه بما اتفق علماء النفس على تسميته باليوفوريا وهي حالة مرضية يشعر المرء فيها بالابتهاج دون سبب ظاهر، وهي تسبق عادة الساعات الأخيرة قبل الموت.
ويفهم هذا التحول على أنه خروج من العالم الموضوعي والشروع في الاقامة في العالم الذاتي، عالم الايقاع والصور، عالم الرؤيا إذ تقطع مع المشترك وتنتصر عليه.
وفي أوائل الشهر الأول من عام 1889 يصاب بالجنون «لا استطيع القراءة لا استطيع الكتابة الا نادرا جدا، لا اعاشر احدا، لا استطيع سماع الموسيقى، ألم متواصل وعلى مدى ساعات شعور قريب جدا إلى دوار البحر، شلل نصفي يجعل النطق صعبا بالنسبة الي. وعلى سبيل الالهاء نوبات حادة، آه لو كان في وسعي أن أصف لكم ما هو متواصل في كل ذلك، ألم الرأس المبرح الذي لا يتوقف، وألم العينين، وهذا الشعور العام بالشلل من الرأس حتى القدمين!!.. ولا يشك الباحثون في أن المرض هو أول شيء هداه إلى سواء السبيل، وانه هو الذي اشعره بالصحة: «أنا أعرف الحياة معرفة جيدة لأنني كنت على وشك فقدانها»!.
كتب نيتشه القصيدة والنثر الشعري والعديد من المقطوعات أو الشذرات التي لا يمكن تصنيفها، والتي تشهد على انشغاله العميق بانجاز كتابة متميزة كلياً عن النثر الفلسفي الاستدلالي. هذه الكتابة الجديدة لا تتوافق لا مع الشعر التقليدي ولا مع الجفاف النسبي للأمثال أو الحكم.
من الشعر التقليدي احتفظ نيتشه بالكثافة والايجاز. وهذا المكثف اللغوي أو الموجز اللغوي، هو الاشارة عن كتابة وصفية أكثر منها استدلالية تترجم عن ايقاع موسيقي عال بانغامه المحزنة والفرحة، أو بصفاء التأمل، ومن النثر الفلسفي احتفظ بضرورة الابتعاد عن الغنائية وحتى عن بسيط الانسجام: كأنها جاءت ملخصة لمراحل حياة صاحبها، في تناقضاتها وتعدد مناخاتها.
ويعثر القارئ في «ديوان نيتشه» الذي نقله إلى العربية محمد بن صالح على معاناة شاعر ليس كمثلها معاناة، وعلى تجاذب غير مألوف بين السرور والألم، وعلى سمات لعصر ومرحلة تميزا بخصوبة مدهشة في الروح والوجدان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق