الخميس، 27 سبتمبر 2018

الفلسفة في العصر المأساوي الاغريقي ، نيتشه


تحميل كتاب: الفلسفة في العصر المأساوي الاغريقي
العنوان: الفلسفة في العصر المأساوي الاغريقي
المؤلف: فريدريك نيتشه
تعريب: سهيل القش
الناشر: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت
الطبعة: الثانية 1982
التحميل: اضغط هنا
التصفح: اضغط هنا

عن المؤلف:
فريدريش ڤلهلم نيتشه فيلسوف وعالم لغويات ألماني. ولد في روكن Rockenn قرب مدينةلايپزيگ بپروسيا يوم عيد الملك فريدريش ڤلهلم الرابع، فسمي باسمه ومات في ڤايمار. وهو من أسرة من القساوسة، لكنه كان شديد الإلحاد فجعله محور كتاباته، تيتم باكراً من والده، فتولّت تربيته نسوة العائلة اللاتي أسرفن في تدليله وملاطفته ، فقد قضى طفولة سعيدة، وكان تلميذاً مهذباً صادقاً مطواعاً حتى أطلق عليه اسم القسيس الصغير، أرادته أمه قسّاً كأبيه فالتحق وهو في الثانية عشرة من عمره بمدرسة بفورتا Schulpforta، لكنه عدل عن ذلك بعد أن فقد إيمانه في الثامنة عشرة من عمره، فمّر بمرحلة من الشك والتشتت، خرج منها بالتحاقه بجامعة بون ثم بجامعة لايپزيگ (1864-1869).
سُمي نيتشه سنة 1868 أستاذ فقه اللغة اليونانية (الفيلولوجيا) في جامعة بازل بسويسرا بعد أن مُنح درجة الدكتوراه ليتم التعيين طبقاً للّوائح ، ولفت الأنظار إليه نشره عدة مقالات في مجلة ريتشل Ritschl.
ولما نشبت الحرب بين ألمانيا وفرنسا (1870) تطوع في الجيش، ولأنه أصبح مواطناً سويسرياً كان عليه أن يكتفي بالعمل ممرضاً في الخدمة العسكرية.
وبعد أن تدهورت صحته أُعفي من الخدمة وأعيد إلى بازل. ولم يشفَ أبداً من الأمراض التي أصابته في أثناء تجنيده، فاضطر إلى الاستقالة من الجامعة والتدريس سنة 1879، وقد رصدت له الجامعة راتباً جيداً يحيا منه. وقد قضى الأعوام العشرة التالية متنقلاً بين سويسرا وإيطاليا، مواصلاً عمله التأليفي، وكان في معظم الأحيان منعزلاً لا يعترف به أحد. وانتهى به المرض سنة 1889 إلى الشلل الكلي والجنون، فأُرسل إلى المشفى العقلي في بازل وينا Jena ثم أعيد إلى أمه في ناومبرگ سنة 1890، ولما ماتت تعهدته أخته في ڤايمار سنة 18977، وباشرت نشر كتبه وظلّت ترعاه إلى حين وفاته.

نبذة عن الكتاب: 
تقديم ميشال فوكو للكتاب:
حين عرض علي مشروع “الطاولة المستديرة”، أثار ذلك اهتمامي في نفس الوقت الذي أحرجني. إنني أقترح مخرجاً لذلك: بعض الموضوعات المتعلقة بتقنيات التفسير لدى كل من ماركس، نيتشه وفرويد.
في الواقع أن هناك حلماً يتراءى من وراء هذه الموضوعات، حلم بأن يصبح بإمكاننا يوماً أن نكوّن نوعاً من الملف العام، أو الموسوعة التي تضم جميع تقنيات التفسير التي أتيح لنا أن نعرفها منذ النحويين الإغريق حتى يومنا هذا. إن هذا الملف الكبير الذي يضم كافة تقنيات التفسير، لم تصغ منه بعد الآن، على ما أعتقد، إلا فصول قليلة.
يبدو لي أن ما يمكننا قوله، كمدخل عام لفكرة تاريخ تقنيات التفسير، هو التالي: إن اللغة، على الأقل اللغة في الثقافات الهندو – أوروبية، قد ولدت دائماً نوعين من الشكوك:
– أولا الشك في أن اللغة لا تقول فعلاً ما تقول. فمن المحتمل ألا يكون المعنى الذي نفهمه، والذي يبرز مباشرة، سوى معنى ناقصاً يحمي، يختزن أو يؤدي، بالرغم من كل شيء، إلى معنى آخر، وبذلك يكون هذا المعنى الآخر هو في نفس الوقت المعنى الأقوى، المعنى “التحتي”. وهذا ما كان يطلق عليه الإغريق اسم الـallegoria والـhiponoia.
من جهة أخرى تولد اللغة هذا الشك الأخر: إذ أنها تتجاوز بطريقة ما شكلها الشفهي الخالص، ذلك أن ثمة أشياء أخرى في العالم تتكلم، مع أن هذه الأشياء لا تكون لغة. وفي المحصلة، من المحتمل أن كلاً من الطبيعة، والبحر، وحفيف الأشجار، والحيوانات، والوجوه، والأقنعة، والمديات المصلبة، كل هذه الأشياء قد تتكلم، من المحتمل أن ثمة لغة متمفصلة بطريقة لا شفهية. وهذا ما يسمى لدى الإغريق، إذا أردتم الـ Semainon .
إن هذين الشكين اللذين سبق لهما أن برزا لدى الإغريق، لم يزولا، وهما ما يزالان معاصرين، إذ أننا أخذنا في الاعتقاد مجدداً، بالتحديد منذ القرن التاسع عشر، أن الحركات الصامتة، والأمراض، وكل الجلبة حولنا، كل ذلك يمكن أيضاً، وأننا نصغي إلى هذه اللغة الممكنة أكثر من أي وقت مضى، محاولين أن نفاجئ تحت الكلمات خطاباً قد يكون أكثر جوهرية.
إنني أعتقد أن كل ثقافة، أي كل شكل ثقافي داخل الحضارة الغربية، كان لها نظام تفسيرها، تقنياتها، مناهجها، وطرقها الخاصة بها لكي تشتبه باللغة التي تريد أن تقول غير ما تقول، ولكي تتلمس احتمال وجود لغة ما خارج اللغة. يبدو إذن أن ثمة مشروعاً يجب تدشينه لكي نكون النظام أو اللوحة، كما كان يقال في القرن السابع عشر، التي تضم كافة أنظمة التفسير هذه.
فلكي نفهم ما هو نظام التفسير الذي أسسه القرن التاسع عشر، وبالتالي إلى أي نظام تفسير ما زلنا ننتمي نحن اليوم، يبدو لي أنه يجب أن نعتمد مرجعاً متأخراً، نوعاً من التقنية الذي قد يكون وجد مثلاً في القرن السادس عشر، فما كان يستدعي التفسير في ذلك العصر، أي موقعه العام ووحدته الدنيا التي كان على التفسير أن يعالجها، إنما كان التشابه. فحيث كانت الأشياء تتشابه، حث كان ثمة تشابه، كان ثمة شيء يريد أن يقال، ويمكن أن يتجلى، إننا نعرف أهمية الدور الذي لعبه التشابه، وكافة المفاهيم التي تدور حوله كالأقمار التابعة، داخل كل من علم الكون، وعلم النبات، وعلم الحيوان، وداخل فلسفة القرن السادس عشر. في الحقيقة، إن كل هذه الشبكة من المتشابهات تبدو لنا، نحن الذين ننظر بأعين القرن العشرين، ملتبسة ومشوشة. في الواقع إن ملف التشابه هذا الذي عرفه القرن السادس عشر، كان كامل الانتظام. فقد كانت هناك، على الأقل، خمسة مفاهيم محددة تماماً:
– مفهوم التوافق المرادف للاحكام والتوفيق (كالتوفيق مثلاً بين الروح والجسد، وبين المجموعة الحيوانية والمجموعة النباتية).
– مفهوم التعاطف المرادف لتطابق الحوادث داخل مواد مميزة.
– مفهوم التنافس المرادف للموازاة الأكثر جدية فيما يخص صفات معينة داخل المواد أو داخل هذه المادة أو تلك.(هكذا يشرح بورتا أن الوجه البشري، مع الأجزاء السبعة التي يحددها، هو تنافس السماء مع كواكبها السبعة).
– مفهوم التوقيع الذي يشكل بين مميزات الفرد المرئية، صورة لميزة غير مرئية ومستترة.
– ثم بالتأكيد مفهوم التماثل المرادف لتطابق العلاقات بين مادتين مميزتين أو أكثر.
إن نظرية الدلالة وتقنيات التفسير كانت ترتكز إذن، في ذلك العصر، على تعريف كلي الوضوح لكل أنماط التشابه الممكنة، وكانت تنشئ نوعين من المعرفة متميزين كلياً: الـ cognition ، الذي يعني، العبور الجانبي، نوعاً ما، من تشابه إلى آخر، والـ divinatio ، الذي كان يعني المعرفة المعمقة، التي تنتقل من تشابه سطحي إلى تشابه أكثر عمقاً. إن كل هذا التشابهات تعبر عن إجماع العالم الذي يكونها، وهي تتعارض مع الصورة الخداعة، والتشابه السيئ الذي يقوم على انشقاق الشيطان عن الله.
إذا كانت تقنيات التفسير هذه المتبعة في القرن السادس عشر قد بقيت معلقة، بسبب تطور الفكر الغربي في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وإذا كان نقد التشابه الذي قدمه كل من بيكون وديكارت قد لعب دوراً كبيراً لوضع هذه التقنيات بين مزدوجين، فإن القرن التاسع عشر، وبالتحديد ماركس، نيتشه وفرويد قد فتحوا أمامنا مجدداً إمكانية جديدة للتفسير، فقد أعادوا تأسيس إمكانية تأويل نصوص قديمة مقدسة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق